الأخوة الأعزاء أضع بين أيديكم موضوع الحجر الصحي في الإسلام و نحن الآن عند ظهور امراض و أوبئة مختلفة كأنفلونزا الخنازير Swine Flu
[align=center]يمكن أن نلخص الحجر الصحي في عبارة واحدة لن نجد أجدى وأوضح من حديث رسول الله (صلى الله علية و سلم) إذ قال:
((إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها)).
وكل ما جاء في قرارات الحجر الصحي ونظمه كأنها استلهمت من هذا الحديث النبوي الشريف.
لقد روع الطاعون الناس في الشام وأخذ يفتك بهم فتكاً شديداً، وكان عمر في طريقه إليها، فلقيه عند سرغ على مقربة من تبوك بعض أمراء الجند وفيهم أبو عبيدة بن الجراح، وعلم منهم أنباء الطاعون وفتكه بالناس، فاستشار مَن معه في المسير أو العودة، واختلف القوم فيما بينهم فمن قائل: خرجت لوجه تريد فيه الله وما عنده. ولا نرى أن يصدك عنه بلاء عرض لك، وقائل: إنه لبلاء وفناء ما نرى أن تقدم عليه. فجمع إليه مهاجري الفتح من قريش واستشارهم: فاجمعوا على العودة، ونادى فيهم عمر بعد أن صلوا الصبح قائلاً:
إني راجع فارجعوا، ولم يكن أبو عبيدة ممن حضر مشاورات عمرن فلما عرف ذلك قال له:
أفرار من قدر الله يا عمر؟ ونظر إليه عمر عاتباً وهو يقول: نعم، فرار من قدر الله إلى قدر الله. ثم أردف بعد ذلك وقال:
أرأيت لو أن رجلاً هبط وادياً له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس يرعى مَن رعي الجدبة بقدر الله، ويرعى مَن رعي الخصبة بقدر الله.
((نعم ... فرار من قدر الله إلى قدر الله)).
أي بيان أروع من هذا؟! فإن ما عناه عمر هو الفرار من قدر مدرك إلى قدر غير مدرك، يتوقى في الأول ما يعرف إنه ملاق حقاً، وإن هذا الذي يلقاه قد يعرضه للهلاك حتماً، فعليه إلا يلقى بنفسه إليه، كمن يتوقى ضربة السيف بدرعه أو بحركة من جسمه، لأنه يعرف إنها إن أصابته فستقتله، وذلك معنى قوله تعالى:
ـ (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
وفي الثاني لا يستطيع أن يتوقى ما لا يعلم وما يخرج عن إرادته، فإذا عضته حية لم يرها ليتقيها أو يقتلها، فإن أذى الحية قد ناله غصباً عنه، ومن غير أن يكون لإرادته دخل فيه، وعليه أن يلجأ إلى الترياق لعلاجها، فإذا غلبه السم فقتله فتلك إرادة الله ممثلة في قانونه الأزلي الذي يحكم الأشياء والذي جعل السم قاتلاً، من يصبه يقتله، ومن لحقه بالعلاج بريء. وقد لا ينفع العلاج فيكون هلاكه وموته.
ـ والجذام من أخطر الأمراض وأشدها إذ لا ينفع فيه علاج غالباً، وهو سريع العدوى، لهذا كان الابتعاد عن مرض الجذام وعدم مخالطتهم له هو أفضل الوسائل للوقاية منه.
لهذا قال نبينا الكريم (صلى الله علية و سلم): ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)).
هذه دعوى واضحة إلى عدم مخالطة مرضى الجذام، فإذا كان لابد للأقارب مخالطة هؤلاء المرضى فقال لهم النبي الكريم:
ـ ((كلم المجذوم وبينك وبينه قلد رمح أو رمحين))[/align]
التعديل الأخير تم بواسطة عصام513 ; 04-29-2009 الساعة 07:21 PM