من يقرأ قصائد الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد سوف يلتقي بشاعر عاشق دفعة واحدة، وسوف يلقى القارئ في قصائده العاشقة هذه مغامرات، ولوعات، وافتتان، وتحليق وفوق كل هذا تتربع المرأة الأنثى على هذه المشاهد قاطبة، نساء مبعثرات جمعهن شعر رقيق فقد كانت يد الشاعر تورق كلما لامس امرأة.
وقد تنوعت هذه القصائد المئة والعشرون ما بين نظام الشطرين والتفعيلة فضلاً عن القصيدة القصيرة والقصيدة الومضة، فهذا دليل على تكثيف تجربة الشاعر لحدود قصوى مما أتاحه له الفن والخيال.
وصاحب هذه القصائد ـ الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد ـ من مواليد العراق "العمارة" 1930 وهو من الجيل الذي تلا السياب والملائكة، وله من المجموعات الشعرية، (لعنة الشيطان، أوراق على رصيف الذاكرة، خيمة على مشارف الأربعين، قصائد في الحب والموت) إضافة لذلك كتب مسرحية (الحر الرياحي) وملحمة (الصوت).
كما يعتبر الشاعر من أهم شعراء الأطفال في العراق، وله عدد من المجموعات منها: (قصائد للأطفال) و (النهر والبستان).
بعد غزو العراق اختار الشاعر دمشق وطناً ثانياً له ـ وليس الأمر بالغريب على دمشق العرب وقد كانت موئلاً وموطناً وملاذاً لكل الوطنيين العرب ـ ومازال مواظباً على عطائه الشعري والنثري.
الجميل في قصائد الحب هذه جمالية الصورة التي أبدعها الشاعر فتنتقل معه من عالم الحس إلى عالم المادة، فيحس قارئه أنه أمام مقطع من فيلم أو مشهد سينمائي، فتتلمس جمالية الصورة بكل أبعادها وعمقها وكثافتها.
هي دعوة لكل عاشق للغوص والاستمتاع بروعة هذه الكلمات، وعمق مدلولها، فللجميع محبتي آملاً أن ترضي ذوق الجميع. وسأقوم بكتابتها ونقلها لكم تباعا حسب ما يتيسر لنا من الوقت.
.............................. مع تحيات دومو
(1)
يا لهذا النّدى!
كل شيء لديها نَدي
حين لامستها
أورقت في يدي!
صوتها ..مقلتاها
جيدها... شفتاها
كلّ ما خبأتهُ السماوات
من مائها للغد
غيمةً
غيمةً
بين أعطافها أزهرت
فإذا ضحكت،
أو مشت،
أمطرت
يا لهذا النّدى!
***
(2)
ترف
محمّلة بالغيوم
محملة بالمطر
كأن شعاع النجوم
على مقلتيها عبرْ
كأن لآلي البحارْ
كأن جميع المحارْ
أتاها بأصدافه اللامعه
لتختار من هذه ضحكة
ومن هذه نظرة دامعه!
ويا شعرها يا ذهبْ
ويا ثغرها يا لهبْ
ويا غصنها،
يا شهي الثمار
مياه ونارْ!
ولو نسمةٌ أقبلت صوبها
لك الله يا ثوبها!تكاد إذا نقلت خطوتين
تصيح مواضعُ أقدامها:
لماذا..؟
وأين؟!
وتبقى تسافر بين الورود
طوال النهار
ويبقى فراغٌ
ويبقى انتظارْ
إلى أن تعود
محملة بالغيوم
محملة بالمطر.
***
(3)
أجنحة الطير
حين قبّلت عينيك
أيقظتُ سرب العصافير من نومه
أكلتْ وجهي الزقزقات
على شفتي
دغدغات المناقير
طعم المناقير
صار دمي خمرةً
وإذا كنت كا الطفل
والكون مرتسم في شفاهك حلمة نهر
علمت بأن طريق فطامي طويل...
وأسرفتُ
من قال أن الهوى يرتوي؟
حين فتّحتُ عينيَّ
أبصرت سرب العصافير يغفو
وكان وريدٌ على العنق الغض ينبضُ
يا كلّ أجنحة الطير لا ترجفي
إن قلبي نذر لنومك
قبّلتهُ
ثم أغفيتُ
كان الصباحُ يراقبني.
***
(4)
رفيف الأجنحة
راجفاتٌ تحت قمصان الحريرْ
كلها ريش ولكن،
لا تطيرْ.....!
حجلٌ أيُّحجلْ
ينحني الثوب عليه،
وهو ينزو في وجلْ
فاضحاً حد الخجل
شوقه أن يخلع القمصان عنه ويطيرْ...!
يا رفيف الأجنحه
يا مدى أغمض عيني كيلا أجرحه!
المناقير التي تنبض من تحت الثياب
فأرى رغم الغياب
حجمها،
لون جناحيها
نديف الريش فيها
وأرى ما يعتريها
كيف لي أن أتقيها؟
كيف لي أن أتقي رغبتها أن أحتويها؟
زارعاً فوق المناقير هيام الروح فيها!
يا جمامْ
دع مناقيرك تغفو وتنام
دع لهذا الشفق الوردي أن يهدي السلام
لشفاهي
دع مياهي
بين أحضاني تجري في سلام
يا حمامْ..
***
(5)
الخطيئة
أيّنا قدرُ الآخر الآن؟
عيناك، والشمعة المستقرة في كأسها
تقطران
وتقطر
لكنْ
أنا الذائب المتكبر في صمته
أينا قدر الآخر الآن؟
ما كنت أحلم أنك
ماذا؟
تفكر بي
طفلةٌ
كيف أفهمها أن في كأسها الآن خمراً؟
وأني أهيم بها هكذا
طفلة
أتأملها
مثلما يتأمل رب خطيئته
كيف أفهمها
أنها الآن أصغر من أن أغازلها
أنها الآن
أكبر من أن أغازلها
*****