الدكتور أنس يونس يفصل في حديثه لـ(الزمان الجديد) - مقابلة أجرتها ملك مصطفي
مسببات سرطان الدم والليمفاويات
الايدز يشجع انواع السرطانات علي الانتشار في الجسم
مقابلة أجرتها ملك مصطفي في مدريد
الدكتور أنس يونس، رئيس قسم الامراض الليمفاوية في مستشفي M D Anderson في هيوستن، وهو من اهم المستشفيات لمعالجة الامراض السرطانية في امريكا، ويأتي بعده في الأهمية مستشفي آخر في نيويورك لمعالجة امراض السرطان. ويعد البروفيسور ــ أنس من أبرز جراحي المستشفي وألمعهم في الامراض الليمفاوية، وقد توصل الي اكتشافات مهمة في اختصاصه، ولهذا فقد دعته الحكومة الاسبانية ليطلع الأطباء الاسبان علي آخر ما توصل إليه في مجال معالجة الامراض الليمفاوية، امراض سرطان الدم، وقد قدم محاضرتين في كل من مدريد وبرشلونة، وقد استفادت الزمان من وجوده في مدريد وأجرت معه هذه المقابلة الممتعة والمليئة بالافادة. وفي هذه المقابلة حديث عن آخر الاكتشافات لمعالجة امراض السرطان لا سيما سرطان الدم والليمفاويات.
ما سبب اختياركم لامريكا للدراسة والبحث؟
ــ سبب السفر هو الناحية العلمية البحتة، فأمريكا فيها افضل المراكز الطبية في العالم، فقد ذهبت في سنة 1983، انا خريج الطب من جامعة دمشق وقد ذهبت لامريكا لكي اختص فيها.
وهل كنت تفكر في الاختصاص بأمراض السرطان قبل السفر لأمريكا؟
ــ اعتقد ان فكرة اختيار الاختصاص تأتي اثناء التمرين، فعندما كنت في سوريا واثناء الدراسة ما كان عندي أية فكرة حول اختياري لهذا الاختصاص، والاختصاص في الولايات المتحدة عبارة عن قسمين، ففي البداية لا بد من الاختصاص بالامراض الداخلية وهذا مدته أربع سنوات، وبعد هذا الاختصاص يتم اختيار الاختصاص الثاني، إما قلبية او هضمية او صدرية او أمراض السرطان الخ، ومعظم الاطباء يقررون ويختارون خلال الأربع سنوات الأولي، اثناء اختصاص الأمراض الداخلية.
وأنت اخترت أمراض السرطان في الدم؟
ــ أنا اخترت امراض السرطان بشكل عام وهذا كانت مدته ثلاث سنوات، في ما بعد يأتي الاختيار الآخر بحسب موقع عملك، فاختصاصي كشهادة هو امراض السرطان ككل ولكن اهتمامي منصب علي سرطانات العقد الليمفاوية.
ممكن ان تعطينا فكرة عن هذا المرض واسبابه وكيفية الوقاية منه؟
ــ مرض السرطان اليوم هو رقم اثنين بسبب الوفيات في الولايات المتحدة بعد امراض القلب، هناك بحدود 6.1 مليون شخص تشخص اصابتهم بمرض السرطان سنويا ويموت نصفهم بشكل عام بسبب المرض، بعض السرطانات بدأ يتناقص مثل سرطان الرئة، وهذا بسبب الوعي الصحي، وهناك سرطانات تزداد نسبتها ربما بسبب العوامل البيئية والتلوثات. بشكل عام السرطان قابل للشفاء إذا شُخّص باكرا بغض النظر عن نوعه إذا كان سرطان قولون أو سرطان رئة.
وبغض النـظر عن نوعه، كما يقولون أنثي أم ذكر؟
ــ مصطلح الأنثي أم الذكر أرجو ان تفسريها لي.
يقال أنثي للسرطان الخبيث، والذكر للسرطان السليم
كان يجب ان احزر هذا وحدي، السليم عادة لا ينتشر، وفي عملية استئصال جراحي يتم التخلص منه، اما الخبيث فهو ينتشر، السليم تعريفيا لا ينتشر، عبارة عن كتلة تنمو موضعيا تستأصل جراحيا ويتم التخلص منها، وفي بعض الحالات النادرة ممكن ان تنكس موضعيا فيعاد اسئصالها ثانية، أما الخبيث فهو ينتشر ويصبح من الصعب استئصاله جراحيا، ولهذا فهو يحتاج الي معالجات أخري.
ذكرت ان نصف الذين يشخص مرضهم باكراً يتم شفاؤهم، فكيف ذلك، وهل بغض النظر عن نوعية السرطان؟
ــ بشكل عام، فسرطان الثدي علي الأقل في الدول المتقدمة يشخص باكرا فقليل ما نجد ان مريضة معها سرطان الثدي قد انتشر الي العظم مثلا، فاذا استأصل جراحيا، فقسم كبير يكون قابلاً للشفاء مثلا، أمراض اخري، ليس بسبب الإهمال، إنما بسبب نوع المرض فعندما تشخص تكون متقدمة، فتكون أقل نسبة للشفاء، وهناك أمراض أخري حتي ولو كانت متقدمة فيمكن شفاؤها مثل أمراض العقد الليمفاوية حتي ولو كانت منتشرة، وسرطانات الخصي عند الذكور، فهي قابلة للشفاء بالمعالجات الكيميائية علي الرغم من انتشارها، وهنا لا يمكن معالجتها بالاستئصال، لانها عدة كتل منتشرة، ولهذا تعالج كيميائيا.
وبهذه الحالة أيضا العلاج والشفاء يكون بصرف النظر عن عمر المريض، وإن كان متقدما بالسن؟
ــ نعم بصرف النظر عن عمر المريض، وان كان متقدما في السن. طبعا هناك بعض انواع السرطانات تشخص بسن معين، مثل سرطان الخصي من الصعب ان نجده عند رجل في الثمانين من عمره وذلك لانه كما ذكرت يشخص في سن معين، فمعظمها في العشرينيات، أو الثلاثينيات، السن يرتبط احيانا بنوع السرطان، فسرطانات العقد الليمفاوية ممكن ان تصيب الصغار وممكن ان تصيب المسنين، فحتي ولو اصابت رجلا في الثمانين فيمكن شفاؤه عن طريق المعالجات الكيميائية.
هل من الممكن ان تحدثنا عن أمراض العقد الليمفاوية، علي أساس تخصصكم بها، بعد الامراض الداخلية، وبعد أمراض السرطان عموما؟
ــ امراض العقد الليمفاوية والليمفاويات تقسم بشكل عام الي قسمين: قسم يسمونه، مرض هوتشكن ليمفوما نسبة للشخص الذي وصفه من مائة سنة تقريبا، والثاني هو غير الهوتشكن لانه لم يكن لديه اسم.
وهل تحدث كلها بالعقد الليمفاوية نفسها؟
ــ كلها تبدأ بالعقد الليمفاوية نفسها، او تنشأ من خلية ليمفاوية، بما ان معظم الخلايا الليمفاوية هي في العقد، فمعظم الحالات تبدأ بتضخم العقد الليمفاوية، ويصبح لدينا خلايا ليمفاوية موجودة في كل الجسم، موجودة في الجهاز الهضمي، موجودة في الدم، موجودة في نقي العظم ممكن ايضا ان تنشأ امراض الليمفاويات في اماكن خارج العقد الليمفاوية.
وما سبب أمراض السرطان؟
ــ معظم أسباب مرض السرطان أساب غير معروفة، يوجد منها اسباب وراثية، بسبب عطل في المورثات، ولكن السبب الرئيس لامراض الليمفاويات غير معروف مثل باقي السرطانات، هناك بعض الأنواع المعينة من سرطانات الليمفاويات معروفة أسبابها مثل مرض الايدز او السيدا، أو الفايروسات، ومنها فايروس آخر ايستين بار وهو باسم الذي اكتشفه ايضا، وعادة يصيب الناس الذين عندهم نقص في المناعة، وهذا يمكن ان يسبب امراضاً في العقد الليمفاوية، ويوجد ايضا، غير الفايروسات، هناك الالتهابات الجرثومية التي تصيب المعدة خاصة فتسبب تقرحات جرثومية اسمها العلمي هيلكوباكتر بايلوري يمكن ان تعمل تقرحات واذا استمر الالتهاب الانتاني في المعدة والتقرحات فيمكن ان تسبب السرطان في المعدة. ولكن معظم أنواع الليمفاويات غير معروفة السبب.
ذكرت ان مرض الايدز ممكن أن يسبب مرض السرطان الليمفاوي.
ــ نقص المناعة بشكل عام، فاذا كان سبب نقص المناعة هو الايدز، فيمكن ان يسبب سرطان العقد الليمفاوية، فالسرطان بشكل عام بما فيه سرطان العقد الليمفاوية يمنع حدوثه بالجسم اذا كان يوجد مناعة قوية، بشكل عام وليس دائما، تستطيعين ان تعتبري انه في كل ثانية يوجد خلية شاذة بالجسم اذا ما قتلت ممكن ان تسبب منشأ للسرطان، فالجسم دائم القذف للاعطال الخلوية، وبشكل عام فالمناعة القوية تساهم في قتل الخلايا المناعية وتنبذ الخلايا الشاذة، فاذا كان الجهاز المناعي غير سليم، فيكون الاحتمال اكبر أمام الخلايا الشاذة لتنمو ولتتكاثر وتسبب السرطان، فالايدز ينقص عادة المناعة مما يجعل الخلية الشاذة تنمو وتتكاثر.
هل هناك أمراض أخري تسبب نقص المناعة؟
ــ هناك أمراض أخري ولكنها نادرة جدا وخاصة عند الاطفال، أي من الناحية السريرية ليس لها أية قيمة كبيرة، إنما تؤدي الي نقصان المناعة مثل: السكيب مرض نقص المناعة البدئي وسببه ليس غذائياً إنما خلقي، ولم يثبت أبدا أن نقص او كثرة غذاء معين قد يسبب أمراض العقد الليمفاوية.
وما أسباب نقص المناعة؟
ــ لنقص المناعة هناك أسباب خلقية وهناك أسباب وراثية، ولكن غير مثبت، اسباب بيئية، مثل الملوثات، المواد الكيميائية، ففي مناطق مصافي النفط، الملاحظ ارتفاع نسبة سرطانات معينة اكثر من غيرها، ولكن الدراسات لم تحدد طبيعة هذه المادة الكيمياوية، وان كانت هي السبب، او ان الناس سكنوا هناك فترة طويلة وصارت عندهم مؤهلات وراثية، هذه دراسات من الصعب اثباتها بالنسبة للأمراض الليمفاوية علي الاقل، بينما بالنسبة للتلوثات الكيميائية او التدخين فقد ثبت ان لها علاقة بسرطان الصدر.
بعد حرب الخليج، ولد كثير من الاطفال مصابين بأمراض السرطان، او مشوهين الخ.
ــ من الصعب الجزم في هذه الامور لنقص الاحصاءات بنسب اصابات السرطان في معظم الدول العربية فحتي نقول ان نسبة الاصابة بالسرطان قد ازدادت بعد حرب الخليج، يجب ان نكون علي معرفة بنسبتها قبل حرب الخليج، ثم ندرس ما هو الذي زاد، وهل هو بسبب عوامل بيئية أم لأسباب أخري؟ فعلا هناك أناس لاحظوا الزيادة في الاصابات بالسرطان، ولكن ما اسمعه من الآخرين من خلال زيارتي لسوريا ان هناك اصابات اكثر في سوريا فهل السبب هو حرب الخليج ام ان هناك أسباباً أخري مثل السبب في زيادة التشخيص، انا لا استطيع ان اعطيك جواباً لانه لا يوجد مقارنات احصائية، فربما ان الناس صاروا يتكلمون عن المرض وسابقا ما كانوا ليتكلموا عنه، في كل الاحوال في المجال العلمي لا نأخذ بأقوال الناس، ولا بالاعتقادات، ولا بالامور العاطفية، فكل هذه الامور لا بد من اثباتها، ولهذا فلا بد من مقارنتها مع النسبة الماضية، هذا من الناحية العلمية. وارد جدا ان يكون هناك اصابات، ولكن انا لا استطيع ان اعطيك رأياً من دون معلومات علمية واحصائية من اجل مقارنتها، حتي بالنسبة لسوريا ولكونها تقع علي الحدود فعملية التأثر واردة لأن المواد الكيمياوية تنتشر، ومع ذلك أقول لا بد من احصائيات قديمة واحصائيات حديثة لدراسة الأمر والبحث فيه.
عذرا علي إلحاحي بالأمر، ولكن تعلم أنه ما زال إلي اليوم يولد أطفال مشوهون في اليابان بفعل قنبلة هيروشيما.
ــ من الناحية العلمية البحتة لا بد من الاحصاءات، فنقول مثلا خلال عشر سنوات قبل الحرب كانت نسبة الاصابات بسرطان الدماغ 1% وبعد الحرب صارت 10%، فهنا يصبح الأمر مختلفاً ويصبح بين أيدينا معطيات جديدة، وبناء عليه نجري دراستنا واستنتاجاتنا، كلامك بالنسبة لزيادة الاصابات السرطانية بعد حرب الخليج ممكن ان يكون صحيحا او غير صحيح، ولكن من ناحية علمية بحتة لا استطيع ان اعلق علي هذه الامور إلا والاثباتات العلمية أمامي، ولكن هذا يلفت النظر الي وجود النقص في الاحصائيات المرضية عامة وليس فقط في السرطانات، فالمفروض ان يكون هناك تسجيل مركزي سواء عن طريق الجامعات بكليات الطب او في وزارة الصحة، هذا يجب ان يكون في كل دولة عربية ليترتب عليها في ما بعد مقارنات علمية، حتي إذا كانت هناك أمور يجب ان نتجنبها، او امور يجب معالجتها.. هذا كله مفيد لاحداث التقدم في المستقبل.
ما المواد التي تلوث وتسبب الاصابة بالسرطان؟
ــ في الولايات المتحدة توجد مناطق معينة، يعتقد انه فيها، مقارنة مع باقي مناطق الولايات المتحدة، نسبة سرطانات معينة اكثر من غيرها، ففي ولاية ليبراسكا فيها ليمفوما اكثر من غيرها، فاذا نظرنا الي هذه الولاية وطبيعتها نجد انها مناطق زراعية، فيشتبه أنه من المبيدات الحشرية، ولكن ما ثبت شيء الي الآن لاننا لا نستطيع ان نتطلع علي عامل واحد فقط ونقول هذا هو السبب، لانه يمكن ان يكون هناك عوامل وراثية، أناس يتزوجون من بعضهم من فترات طويلة، وساكنون بالمنطقة نفسها من فترة طويلة، فيمكن ان يصبح عندهم مؤهلات وراثية، ولكن وبحكم عملهم كمزارعين، لا نستطيع ان نقول وببساطة، ان استعمالهم الدائم، بالعمل، للمبيدات الحشرية سبب لهم الاصابة بالسرطان، حتي ولو لم يكونوا مزارعين، هؤلاء الناس انفسهم لو اخذناهم الي نيويورك يجوز ان تبقي عندهم نسبة السرطان نفسها. هذه المقارنات، حتي في الدول المتقدمة من الصعب الاثبات فيها، هذا الشيء لم يثبت علميا بل هناك اشتباه، الامور العلمية البحتة من الصعب ربطها 100%، معظم السرطانات لا يمكن ان تربطيها بعامل واحد، هناك أكثر من عامل وهي مترابطة مع بعضها بعضاً.
القنابل، ألا تسبب السرطان؟
ــ القنابل الذرية في هيروشيما عملت سرطان.
ألا ينقل الهواء هذه الذرات؟
ــ بالطبع، هذا وارد وبامكانك ان تعتبري ان معظم السرطانات التي صارت في اليابان كانت ضمن رقعة معينة، والمفروض ان يكون هناك مثل جرعة معينة تسبب الاصابة، ومن الناحية الذرية أكيد هناك تناسب طردي مع جرعة التعرض للأشعة لحدوث السرطان فاذا تمددت في الهواء وانتشرت لا تؤثر بشكل كبير.
يقال ان كل انسان موجود عنده الاستعداد للاصابة بالسرطان، ما رأيك؟
ــ يوجد عنده الخلايا الشاذة التي يمكن ان تسبب السرطان، وهذا لا يعني ان معه سرطاناً، فالخلية الشاذة تتكاثر بشكل غير متحكم فيه وتشكل كتلة عندئذ تسبب السرطان، جميعنا نملك هذه الخلايا الشاذة، هذه الخلايا الشاذة في حالاتها الطبيعية الجسم قادر ان يتخلص منها، ولكن لا نسميها سرطاناً.
ذكرت ان هناك سرطاناً خلقياً، فما أسبابه؟
ــ نعم، أقصد أن التأهب إليه خلقي، ولكن من الصعب معرفة مصدر العطل الأساس في هذا الأمر فهناك أعطال معروفة في الصبغيات تسبب السرطان، فهناك سرطان يصيب الاطفال في شبكية العين، هذا إذا كان الأب والأم معهما العطل في الصبغيات، فاحتمال 100% ان يطلع مع ابنهم سرطان في الشبكية، نادر، ولكن يوجد سرطانات معينة لها علاقة بالوراثة والمورثات.
وما هي الصبغيات؟
ــ المورثات كلها موجودة علي شرائط Dna يسمونها الصبغيات، والجسم عادة فيه 46 صبغياً عليهم مورثات، اعداد المورثات مدئيا، تعرفين انه السنة الماضية نشروا خريطة المورثات عند الانسان وعند بعض الحيوانات، ثبت انه يوجد بحدود من 30 إلي 40 ألف مورثة عند كل شخص، هذه المورثات عبارة عن قطع من Dna موجودة علي شرائط اكبر هي تعطي صفات وطباع الانسان الجسم، الشكل، العيون، اللون، الطول الخ هذه يوجد منها ماله علاقة بالامراض طبعا. ولكن السرطانات الوراثية اقل كثيراً من السرطانات العرضية، ولكن يوجد قسم وراثي مثل سرطان القولون، الثدي، المبيض، ويزداد احتمال انتقالها من الأم الي البنت مثلا، اذا كان عند البنت العطل الصبغي، اعطال المورثات التي تستطيع ان تتنبأ بحدوث سرطان عند الاطفال 100% نادرة جدا واحدها سرطان الشبكية، الباقي يزيد احتمال السرطان اكثر مما يجب فمثلا توجد مورثات لها علاقة بسرطان الثدي فاذا كانت موجودة بالبنت مثلا، هذا يزيد من احتمال اصابتها بسرطان الثدي 60% مثلا، لا يوجد شيء اسمه 100% إلا في حالات جد نادرة. هذا حاليا يتم دراسته بحيث انه نتوصل لمعرفة ما يمكن فعله لهؤلاء الاشخاص فاذا اجرينا تحليلاً صبغياً لرجل معنا ثم قمنا وقلنا له عندك احتمال الاصابة بالسرطان احتمال 40% ان لا يصاب بالسرطان، هذا الامر يخلق مشاكل جدلية علمية حول ماذا سنفعل بهذه المعلومات العلمية التي نعرفها حاليا، فهل يمكن ان نستفيد منها، وهل نتخذ قرارات معينة يوجد منها ما يؤدي الي امور وقائية قبل حدوث السرطان.
ما الامور الوقائية، مثل ماذا؟
ــ مثلا سرطان الثدي هناك من يفضل الاستئصال للثدي الوقائي. معظم الجامعات والمراكز التي تهتم بعلاج السرطان في الدول المتقدمة لها علاقة بالبحوث، فكما ذكرنا ان 50% من امراض السرطان قابلة للشفاء، وبشكل عام التوجه حاليا للأمراض غير القابلة للشفاء، بالبحث عن امكانية الشفاء منها، وفي أقل تقدير جعل المريض يستطيع التعايش معها إن كان من غير الممكن اجراء عملية الشفاء علي ان لا تميته، فمثلا السكري غير قابل للشفاء، فمع الادوية صار المريض يتعايش مع المرض، وكذلك مرض ارتفاع الضغط غير قابل للشفاء، ولكن المريض يأخذ الدواء يوميا ويتعايش مع المرض. فالفكرة حاليا ان هذه الامراض غير القابلة للشفاء، والي حين الوصول للشفاء، ان نجعل منها مزمنة بحيث ان المريض يأخذ حبوبا معينة ويعيش مع المرض، يأكل ويشرب ويتحرك ويعمل إن أمكن، هذا هو التوجه حاليا في معظم امراض السرطان غير القابلة للشفاء، والآن هناك ادوية حديثة جدا تساعد علي جعل هذا التوجه حقيقة في العشر سنوات او العشرين سنة القادمة، فالمرحلة الاولي هي معرفة الاسباب للبحث عن علاج لها، يوجد حاليا تقدم كبير من ناحية معرفة الاسباب علي مستوي الخلية، اي الاعطال التي تصيب الخلية، وما الذي سبب هذه الاعطال، الاعطال ضمن الخلية الواحدة للتعامل معها من ناحية علاجية.
ممكن ان تذكر لنا ما توصلتم لمعرفته في صدد اعطال الخلية؟
ــ مثلا اذكر لك ان هناك بعض انواع سرطانات الدم، سرطانات الكريات البيض واسمه: ابيضاض الدم النقوي المزمن هذا منذ اكثر من عشر سنوات نقوم بالدراسة وتبين انه يوجد خلل بالصبغيات يحضر صبغيان مختلفان مثل عصاتين نكسرهما ثم نصل طرفي العصاتين معا، قسمين من عصاتين مختلفتين نصلهما مع بعضهما، هذا أحد اسباب المرض، لانه يحضر مورثتين من صبغيين مختلفين ويضعهما بجانب بعض، فالمورثتان تتحدان معا وتنتجان نوعا من البروتين داخل الخلية، وهذا ما يسبب الانقسام والتكاثر. الآن ما الذي سبب كسر الصبغيات والتحامها مع بعض هذا شيء آخر، والمعروف ان هذا الشيء يحدث. حاليا طلع دواء حب يمكن ان يأخذه المريض يمنع انتاج هذا البروتين ضمن الخلية ويوقف نمو السرطان، كان معظم الناس يموتون بهذا المرض، وصلت المرحلة لأن يتعالجوا بمعالجات كيميائية، معالجات إبر يأخذونها تحت الجلد، الآن يأخذ المريض حبة موجهة خاصة للعطل ضمن الخلية يمنع تكاثر الخلية. هذا الشيء كان لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق المعرفة التي صارت داخل الخلية، واذا كان يوجد خبر مهم في التقدم بمعالجة مرض السرطان خلال الخمس سنوات الماضية فهذا اهم خبر حاليا، لانه لاول مرة بحياة علم السرطان يخترع دواء موجه لعطل محدد ضمن الخلية التي تسبب السرطان، كل ادوية السرطان هي ادوية غير نوعية لانها تسقط الشعر وتسبب الاقياء لانها بشكل عام لأية خلية تنقسم فتقتلها، فالشعر ينمو والخلايا تنقسم ولهذا يتساقط الشعر، الاعراض الجانبية من الدواء هي التي تسبب تساقط الشعر، لان كل خلية تنقسم، تقتل وعندنا الشعر، الاغشية المخاطية، الاظافر، فالدواء كان موجهاً للخلايا التي تنقسم بما ان السرطات تعريفيا هو خلايا تنقسم من دون تحكم . ولهذا فان هذا الدواء الجديد موجه بشكل خاص للعطل ضمن الخلية الذي يسبب السرطان. وهذه بادرة اولي، فحاليا تطلع ادوية حديثة مستفيدة من العلوم التي تقدمت والمعرفة التي اكتشفت في مجال امراض السرطان، ولذلك نقول انه في العشر سنوات القادمة سيصبح هناك تقدم ملحوظ، ممكن ان لا نصل الي الشفاء، ولكن ممكن ان توقف بعض امراض السرطان، وممكن ان تجعل المريض يعيش معها لفترة اطول باتجاه الشفاء في المستقبل.
كيف تفسر لنا ما يقال حول وجود اصابات سرطانية في امريكا الشمالية واوروبا اكثر منها في العالم العربي؟
ــ المشكلة أنه لا توجد احصاءات مهمة في الوطن العربي، ولكن توجد أنواع سرطانات معينة مثلا تختلف جغرافيا، مثل بعض امراض الليمفاوات فهي نادرة في اليابان وفي هذه الحال يشتبه بالعوامل البيئية والعوامل الوراثية، فهناك دراسات تمت علي سرطانات المعدة وجهاز الهضم، فنسبتها أعلي في اليابان، فاذا اخذنا اليابانيين الذين هاجروا الي الولايات المتحدة الامريكية نجد ان نسبة سرطانات جهاز الهضم عندهم اخفض من النسبة عند اليابانيين الذين ظلوا في اليابان، في هذه الحال المؤشر بالسبب هو العوامل البيئية وليس الوراثية، مثل هذه الدراسات تساعد وتقدم لنا اثباتات اكثر من المتوقع.
من المعروف ان مريض الوطن العربي لا يذهب الي الطبيب إلا وهو في اسوأ حالاته، وهذا يؤثر علي عملية اكتشاف المرض بشكل مبكر أليس كذلك؟
ــ هذا الامر لا يؤثر علي نسبة حدوث السرطان، انما يؤثر علي نسبة شفاء السرطان لأن التأخير في التشخيص يجعل نسبة الشفاء أقل بكثير. ويا حبذا لو أن تبدأ الحكومات في الوطن العربي الاهتمام بأمر الاحصائيات، لان احصائيات المستشفيات الحكومية او الخاصة وحدها لا تكفي، والمفروض ان تتم الاحصائيات علي مستوي القطر، وان ينشأ مركز لتشخيص مرض السرطان عندئذ تصبح الاحصائيات موضوعية اكثر.
ما النصائح التي توجهها الي انساننا في الوطن العربي؟
ــ الامتناع عن التدخين لانه ثبتت علاقته الحقيقية مع السرطان، مثل سرطانات الرئة والحنجرة والفم، وكما تعلمين فنسبة التدخين عندنا عالية جدا، والامور الثانية المفروض ان يكون هناك وعي صحي، مثل فحص المرأة الدوري وتصوير الثدي بعد سن الاربعين، ومن اجل سرطان القولون، يجرون كشفاً للدم في البراز مثلا لانه يمكن شفاؤها بالجراحة او بالمواد الكيميائية، والمفروض علي الطبيب العام عندما يزوره رجل عمره فوق الخمسين، ان يطلب منه اجراء كل الفحوصات اللازمة وبشكل دوري لان المريض ربما لا يوجد عنده وعي صحي، اذن المفروض ان يكون الوعي عند الطبيب العام ليوعي مرضاه وليحولهم الي الطبيب المختص.
علمت أنكم هنا في اسبانيا بدعوة من الحكومة الاسبانية، وتحديدا وزارة الصحة وجمعية الجراحين الاسبان لتقديم محاضرتين، فهل تخبرنا عن موضوع المحاضرة؟
ــ عنوان المحاضرة التي ستقدم في كل من مدريد وبرشلونة هو المناعية للأمراض الليمفاوية .
هل يمكن ان تعطينا فكرة موجزة عن هذه المحاضرة؟
ــ المعالجة المناعية بشكل عام تقسم إلي قسمين: فاذا كان مهمة الخلايا المناعية السليمة في جسم الانسان ان تخلصه من الخلايا الشاذة التي يمكن ان تسبب السرطان يجب ان تعتبري انه اذا حدث سرطان عند انسان ما، معني هذا ان خلاياه المناعية فشلت في تحقيق هدفها والفشل ممكن ان يكون لسببين: السبب الاول هو انه ممكن ان تكون الخلايا المناعية ضعيفة، ولهذا قلنا بأن ضعف المناعة ممكن ان يسبب سرطان بشكل عام، أو ان الخلايا المناعية ممكن ان تكون طبيعية، ولكن الخلايا السرطانية مقاومة للقتل بالخلايا المناعية، فلما نعالج المناعية، هي تأخذ بعين الاعتبار هذين السببين، فاذا كان يوجد نقص بالمناعة، فيمكن تقوية المناعة بمعالجات معينة، وهذه المعالجات المعينة، هي في معظمها عبارة عن هرمونات او مواد كيميائية يفرزها الجسم الطبيعي بكميات ضئيلة جدا تجعله يقاوم الالتهابات الجرثومية، والالتهابات الفايروسية، وليس فقط مقاومة السرطان. قسم كبير من هذه المواد الكيميائية تم اكشتفاها ويمكن تصنيفها مخبريا واعطاؤها للانسان عن طريق إبر مناعية عبارة عن مواد كيميائية طبيعية موجودة بجسم الانسان، فقط نحن نعطيها له بكميات اكبر، او ممكن اذا كانت الخلايا السرطانية مقاومة للخلايا المناعية، بدل الاعتماد علي الخلية المناعية ان تروح وتلتحم مع الخلايا السرطانية وتقتلها، فكيف نجعل الخلية المناعية تقتل الخلايات السرطانية، بحيث تستخلص هذه المواد القاتلة ضمن الخلية المناعية وتعطي للمريض كحقن بالوريد، وهناك طرق مباشرة، او غير مباشرة للمعالجة المناعية بشكل مبسط او مختصر. وبشكل عام ولحد الآن معظم امراض السرطان تعالج كيميائيا، وسرطان الليمفاويات يقسم الي نوعين من ناحية الليمفومات: إلي بطيء النمو، والي سريع النمو.
فالسريع النمو، نسبة شفائه 50% حتي ولو كان منتشرا، ولكن هذه النسبة لا تزال كما هي منذ السبعينيات. وسرطان الليمفاويات البطيء النمو اذا كان متقدماً فهو غير قابل للشفاء، اي اذا كان منتشرا بالجسم. المريض ممكن ان يعيش معه ولكننا لا نستطيع شفاءه، وسطيا ممكن ان يعيش مريضه عشر سنوات. هذه العشر سنوات ما استطعنا ان نعملها عشرين أو ثلاثين، هذه النسبة بقيت ثابتة خلال الثلاثين سنة الماضية. فالفكرة ان يتوصل معظم المعالجين للسرطان الي شبه قناعة، فحتي تعملين تقدماً وتزيدين نسبة الشفاء تحتاجين الي وسائل أخري للمعالجة كالمعالجة المناعية، والمعالجة البيولوجية، اضافة الي المعالجة الكيميائية حتي تزيدي نسبة الشفاء، يجب المزج بين هذه المعالجات، أي بالاضافة الي المعالجة الكيميائية، نضيف المعالجة المناعية والهرمونية، فترتفع النسبة من 50% الي 80%.
Mlms
منقووووووووووووووول
سلامي للجميع